
أكثر مما كان يعتقد سابقاً.. استمرار نزيف الجليد في شمال شرقي غرينلاند يرفع مستوى سطح البحر
أشارت دراسة جديدة إلى أن فقدان الجليد في المستقبل من تيار شمال شرقي غرينلاند الجليدي -وهو جزء من الغطاء الجليدي في غرينلاند- يمكن أن يتسبب في ارتفاع مستويات سطح البحر بما يصل إلى 15.5 ملم بحلول عام 2100. الارتفاع الذي يسببه هذا الجزء من المنطقة، يعادل مجمل إسهام الغطاء الجليدي في غرينلاند بكاملها في ارتفاع مستوى سطح البحر على مدار 50 عاما الماضية.
ووفقاً للدراسة التي أعدّها باحثون من الدانمارك والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، ونشرت يوم التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في دورية “نيتشر” (Nature)، يتألف التيار الجليدي في شمال شرقي غرينلاند من جذع رئيسي سريع التدفق يمتد على مسافة 600 كيلومتر وعرضه 30-50 كيلومتراً، ويربط الجزء الداخلي من الغطاء الجليدي بنهرين جليديين ينتهي بهما إلى البحر، ويشكل ما يقرب من 12% من الغطاء الجليدي في غرينلاند.
صحراء القطب الشمالي
يطلق على شمال شرقي غرينلاند اسم “صحراء القطب الشمالي” نظراً لانخفاض معدل هطل الأمطار الذي يصل إلى 25 ملم سنويا في بعض الأماكن، لذلك لا يتجدد الغطاء الجليدي بدرجة كافية للتخفيف من حدة الذوبان.
ومع ذلك، فإن تقدير مقدار الجليد المفقود ومدى حدوث العملية في الغطاء الجليدي ليس بالأمر السهل. ومن الصعب مراقبة الجزء الداخلي من الصفيحة الجليدية، فهو يتحرك بسرعة أقل من متر واحد في السنة، وذلك يحد من القدرة على تنفيذ إسقاطات دقيقة.
وحسب البيان الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (Eurek Alert)، فقد جمعت الدراسة الجديدة بين بيانات “نظام تحديد المواقع العالمي-GPS” وبيانات الأقمار الصناعية والنمذجة العددية، ووجدت أن فقدان الجليد من شمال شرقي غرينلاند يمكن أن يكون 6 أضعاف ما كان يعتقد سابقا بحلول نهاية القرن.
وتشير النتائج الجديدة إلى أن النماذج الحالية قللت من حجم فقدان الجليد خلال القرن الـ21، ومن ثم فإن إسهامها في ارتفاع مستوى سطح البحر سيكون أعلى بكثير.
وبحلول عام 2100، سيسهم تيار شمال شرقي غرينلاند الجليدي بـ6 أضعاف في ارتفاع مستوى سطح البحر، كما اقترحت النماذج السابقة، مضيفا ما بين 13.5 إلى 15.5 ملم وفقاً لتقديرات الدراسة الجديدة، وهذا يعادل إسهام الغطاء الجليدي في غرينلاند بالكامل في 50 عاما الماضية. ويحدث فقدان الجليد هذا على مسافة تزيد على 200 كيلومتر داخل اليابسة.
وتستند الدراسة جزئياً إلى البيانات التي جمعت من شبكة من محطات نظام تحديد المواقع GPS الدقيقة التي تصل إلى 200 كيلومتر داخليا على تيار شمال شرقي غرينلاند الجليدي الواقع خلف نهري “نيوجالفجيردسفجوردن” (Nioghalvfjerdsfjord) و”زاتشاري إستروم” (Zachariae Isstrøm)، أحد أكثر التضاريس خطورة على وجه الأرض. ودُمجت بيانات الرادار مع بيانات ارتفاع السطح من مهمة القمر الصناعي “CryoSat-2” التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، والنمذجة الرقمية العالية الدقة.
نتائج غير متوقعة
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة شفقات عباس خان، الأستاذ في مركز الفضاء الوطني الدانماركي، إن التوقعات السابقة لفقدان الجليد في غرينلاند حتى عام 2100 كانت تهون من الأمر بشكل كبير، إذ يتم ضبط النماذج بشكل أساسي على الملاحظات الموجودة في مقدمة الغطاء الجليدي، والتي يمكن الوصول إليها بسهولة، وحيث تحدث عمليات كثيرة بشكل غير ملحوظ.
وفي تصريح للجزيرة، أوضح خان أن البيانات الرادارية مكنت الفريق من ملاحظة الضعف المتواصل في بنية الحوض بأكمله، وأن سرعة ذوبان السطح تتزايد. ففي كل عام تتراجع الأنهار الجليدية إلى الداخل، ويتوقع أن هذا سيستمر خلال العقود والقرون القادمة، في ظل التأثير المناخي في الوقت الحاضر.
وأضاف الباحث أن محطات الرادار على الصفيحة الجليدية يمكنها قياس حركات الجليد بدقة عالية جدا، كما أن استخدام بيانات الأقمار الصناعية يسهم في الكشف عن تراجع الأنهار الجليدية وسرعة هذا التراجع، مؤكدا أنه “أمر مدهش حقا أننا قادرون على اكتشاف تغير طفيف في السرعة من بيانات الرادار العالية الدقة، والتي في النهاية، عند دمجها مع نموذج لتدفق الجليد، تخبرنا عن كيفية انزلاق النهر الجليدي”.
ويحذر المؤلفون من احتمال حدوث التراجع نفسه في حجم الجليد في مناطق أخرى من الغطاء الجليدي في العالم، إذ سجل عدد من الأنهار الجليدية تدهورا كبيرا في العقود الأخيرة. كذلك يتوقع الفريق أن يتسبب هذا الذوبان في حدوث تغيرات عميقة في مستويات البحار العالمية، أكثر مما تتوقعه النماذج الحالية.
المصدر: مواقع إلكترونية