تربة الأمازون الداكنة لتحسين البيئة
اكتشف باحثون من البرازيل أن تربة أرض الأمازون الداكنة تحوي عناصر مغذية ومواد عضوية من شأنها تعزيز نمو شتلات الأشجار وبالتالي تسريع وتيرة إعادة إحياء الغابات ومشاريع تحسين البيئة وعمليات التحريج في جميع أنحاء العالم بفضل المحتويات عالية العناصر الغذائية والكائنات الدقيقة الحية في تربتها وذلك في دراسة حديثة نشرت في دورية ” فرونتيز إن سويل ساينس”.
ويقصد بالتحريج إدارة الغابات وهو إحدى التقنيات المستخدمة لتحسين صحة التربة وجودتها في المناطق المتدهورة بيئيا بسبب إزالة الغابات وما ينتج عنه من فقدان للتنوع البيولوجي.
تربة الأمازون من تربة فقيرة إلى تربة ثرية بالفحم
ويعود الفضل في الخصائص المذهلة لأرض الأمازون إلى سكان البلاد الأصليين الذين عاشوا في المنطقة وحولوا تلك التربة الفقيرة في الأصل إلى تربة غنية بالفحم على مدار أجيال متعاقبة بفعل الحرائق الخفيفة المستخدمة في الطهي وحرق النفايات وعظام الحيوانات والفخار المكسور وإثرائها بالسماد العضوي والطبيعي.
ووفق الدراسة فإن أرض الأمازون خصبة بشكل استثنائي لأنها غنية بالعناصر الغذائية والمواد العضوية المشتقة من الفحم وهو ما يمنحها اللون الأسود.
وتعد بمثابة كنز وسلاح فعّال لتعزيز عمليات التحريج في جميع أنحاء العالم وليس في منطقة الأمازون فقط التي فقدت 18% من مساحتها منذ السبعينيات أي ما يعادل دمار 780 ألف كيلومتر من غاباتها.
وقال “لويس فيليبي زغاتو” المؤلف المشارك في الدراسة من مركز الطاقة النووية في الزراعة بجامعة ساو باولو في البرازيل في بيان صحفي: إن استخدام تربة الأمازون الداكنة يمكن أن يعزز نمو النباتات والأشجار بسبب المستويات العالية التي تحتوي عليها من العناصر الغذائية فضلا عن وجود البكتيريا المفيدة والعتائق مشيراً إلى أن التعرف على المكونات التي تجعل هذه الأرض شديدة الخصوبة سيساعد في تسريع مشاريع تحسين البيئة.
محاكاة مشاريع تحسين البيئة
وأجرى الباحثون تجارب لمعرفة كيف يمكن أن تعزز أرض الأمازون الداكنة عمليات استعادة النباتات والتغيرات التي تحدث في التربة بالمناطق التي أزيلت منها الغابات بشكل كامل.
حيث أخذ الباحثون عينات من تربة الأمازون ووضعوها في أوعية صغيرة مع توفير المياه ومتوسط درجة حرارة 34 درجة مئوية وزرع بذور علف الماشية مرة وشتلات الأشجار مرة أخرى وجذور بعض النباتات في بعض الحالات لتشكل بذلك تجاربهم نماذج مصغرة لعمليات التحريج التي تتم في الواقع.
واعتمد الباحثون في تجاربهم على درجة حرارة 34 لأنها المتوقعة بفعل الاحتباس الحراري العالمي ولم يتم الاعتماد على درجة حرارة غابات الأمازون الحالية والتي تتراوح ما بين 22 و28 درجة مئوية.
وبعد فترة من النمو (60 يوما بالنسبة للبذور، و90 يوما بالنسبة للشتلات) قاس الباحثون طول وكتلة وامتداد الجذور وتمكنوا من تحديد التغيرات في درجة تركيز المواد العضوية وتنوع الميكروبات في التربة.
وكانت النتيجة أن تربة الأمازون الداكنة تحتوي على كميات أكبر من العناصر الغذائية مقارنة بالتربة الضابطة المستخدمة في التجربة بمعدل 30 مرة أكثر من الفوسفور وثلاث إلى خمس مرات أكثر بالنسبة للعناصر الغذائية الأخرى بالإضافة إلى توفيرها درجة حموضة أعلى وعدد أكبر من البكتيريا والعتائق وهكذا تحول الميكروبات جزيئات التربة الكيميائية إلى مغذيات يمكن أن تمتصها النباتات.
وقال المؤلف في الدراسة “أندرسون سانتوس دي فريتاس” في البيان الصحفي: “تشير بياناتنا إلى أن أرض الأمازون الداكنة تحتوي على كائنات دقيقة توفر المزيد من الموارد لتحسين نمو النبات”.
وأظهرت النتائج أيضاً أن إضافة تربة الأمازون إلى التربة العادية أدت إلى تعزيز نمو شتلات الأشجار التي كانت أطول بمقدار 5 مرات.. وخلص الباحثون إلى أن بياناتهم تشير إلى وجود مزيج من المغذيات في تربة الأمازون وكائنات حية دقيقة متكيفة لتحسين نمو الأشجار المستخدمة في عملية تحسين البيئة واستعادة الغابات والمراعي.
ونبه الدكتور “سيو موي تساي” في نفس البيان إلى ضرورة نسخ مكونات وخصائص تربة الأمازون لا سيما الكائنات الحية الدقيقة لاستخدامها في مشاريع الاستعادة البيئية في المستقبل.
آفاق جديدة لاستعادة الغابات والمراعي
وزادت أهمية مشاريع استعادة الغابات الطبيعية والمراعي في العقود الأخيرة لكنها لا تزال غير كافية وتحتاج إلى مزيد من الجهود لتصبح موثوقة وفعّالة على المدى البعيد.
وتعتمد عمليات تحسين البيئة على إدخال الكائنات الحية الدقيقة التي تملك القدرة على تعزيز تكيف النباتات ونموها ومقاومة الجفاف وتوفير المواد المغذية.. وتوجد هذه الميكروبات عادة في الغابات حيث من المعروف أن بعض الأشجار تملك القدرة على تجنيد البكتيريا المثبتة للنيتروجين وبالتالي زيادة خصوبة التربة أي أن التفاعل بين النباتات والكائنات الحية عامل رئيسي لصحة التربة.
وعلى هذا الأساس فإن استخدام تربة الأمازون الداكنة سيشكل طفرة في مشاريع تحسين البيئة واستعادة الغابات والمراعي في جميع أنحاء العالم نظراً لما تحتوي عليه هذه الأخيرة من مركبات مغذية من جهة وخلوها من أية مركبات سامة بالإضافة إلى قدرتها على بناء تربة تعزز نمو النبات وقمع مسببات الأمراض.
المصدر: مواقع إلكترونية
اقرأ أيضاً… الحزازيات والأنظمة البيئية النباتية