استمر أقدم طحالب الأرض ويُدعى “تاكاكيا” في بعض أكثر بيئات الأرض قسوة لملايين السنين وعلى الرغم من حقيقة أن هذا النبات القديم هو أحد أسرع أنواع الطحالب المعروفة للعلم تطوراً فقد لا ينجو من أزمة المناخ.

أقدم طحالب الأرض “تاكاكيا” معرض للانقراض

أمضى فريق من الباحثين عقداً في دراسة الطحالب التي يبلغ عمرها 390 مليون عام والتي تنمو على المنحدرات الجليدية المعزولة في هضبة التبت التي يُطلق عليها اسم (سقف العالم) في جبال الهيمالايا أعلى وأكبر هضبة في العالم.

وذهب الباحثون في 18 رحلة استكشافية بين عامي 2010 و2021 لفهم كيف تكَيف “تاكاكيا” للبقاء على قيد الحياة لملايين السنين في منزله الذي يقع على ارتفاع 4000 متر فوق سطح الأرض ونُشرت دراسة تفصيلية للنتائج ي في مجلة Cell.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة الدكتور “رالف رسكي” وهو متخصص في التكنولوجيا الحيوية النباتية وأستاذ في كلية علم الأحياء بجامعة فرايبورغ في ألمانيا في بيان: شرعنا في وصف وتحليل أحفورة حية.

الدور الحاسم للنباتات المبكرة

ووفقاً لمؤلفي الدراسة.. عندما بدأت الحياة الحيوانية في محيطات الأرض منذ حوالي 500 مليون سنة بدأت الحياة النباتية التي تطورت من طحالب المياه العذبة في تغطية كتل اليابسة الصخرية للكوكب وتكَيفت للعيش في بيئات أرضية أقسى وتسببت النباتات الصغيرة في حدوث تحول كبير في الغلاف الجوي للأرض حيث أدت إلى تآكل الصخور التي نمت عليها وتحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كيميائية من خلال عملية التمثيل الضوئي عندما تكسر النباتات الحجر أطلقت هذه التجوية البيولوجية المعادن وأسفرت عملية التمثيل الضوئي عن مركبات عضوية وأكسجين

وجعلت النباتات كتل اليابسة على الأرض أكثر ملاءمة للحياة الحيوانية والتي بدأت تتطور وتصبح أكثر تعقيداً بمرور الوقت.

وعندما اصطدمت الصفائح التكتونية الهندية والأوروبية الآسيوية قبل 65 مليون سنة أدى الحدث الكارثي إلى خلق جبال الهيمالايا.

تاكاكيا الذي كان يبلغ من العمر حوالي 100 مليون سنة في ذلك الوقت نشأ جنباً إلى جنب مع جبال الهيمالايا واضطر للتكيف بسرعة مع البيئة الأكثر قسوة حيث تجرب أربعة فصول في غضون يوم واحد يكون الجو مشمساً وواضحاً عند سفح الجبل وعندما تصل إلى منتصف الطريق هناك دائماً مطر خفيف والقمة تتساقط الثلوج ويكون الجو بارداً جداً.

أسرار الحمض النووي لأقدم طحالب الأرض

وجمع فريق البحث عينات لتسلسل الحمض النووي لـ “تاكاكيا” لأول مرة وتحديد كيفية تأثير أزمة المناخ على النبات بالنظر إلى قدم النبات أراد الفريق أيضاً تحديد ما إذا كان تاكاكيا حقاً طحلباً أو نوعاً آخر من النباتات القديمة مثل الكبد أو الطحالب وأظهرت الدراسة أن “تاكاكيا” هو طحلب بالفعل.

وقال ريسكي: وجدنا أن “تاكاكيا” هو الجينوم الذي يحتوي حالياً على أكبر عدد من الجينات سريعة التطور إنه نشط للغاية على المستوى الجيني.

وقال الباحثون إن جينوم “تاكاكيا” قد تطور بمرور الوقت حيث تكيف على التعافي من أضرار الأشعة فوق البنفسجية وإجراء تعديلات وإصلاحات على الحمض النووي المكسور لكن الشكل الفعلي للنبات لم يتغير كثيراً على الرغم من حقيقة أن جيناته تتغير دائماً وتكَيف الطحلب أيضاً للنمو في مواقع مختلفة عن طريق التفرع.

وقال مؤلف الدراسة المشارك “ياكون هي”عالم الأحياء النباتية بجامعة Capital Normal University في بيان: نباتات “تاكاكيا” مغطاة بالثلوج الكثيفة لمدة ثمانية أشهر كل عام ثم تتعرض بعد ذلك لأشعة فوق بنفسجية عالية الكثافة خلال فترة الضوء التي تبلغ 4 أشهر نتيجة لذلك يشكل هذا التفرع المستمر بنية شبكة وبنية سكانية قوية للغاية والتي يمكن أن تقاوم بفعالية غزو العواصف الثلجية الشديدة.

كما درس فريق البحث أيضاً النباتات باستخدام كاميرات ذات فاصل زمني وبيانات الطقس عبر الأقمار الصناعية لتتبع التغييرات الأكبر في بيئة الطحلب حيث لاحظ مؤلفو الدراسة أنه مع زيادة متوسط درجة الحرارة المحلية كل عام انخفض عدد سكان طحلب “تاكاكيا” بنسبة 1.6 بالمئة سنوياً.

ومع ارتفاع درجة حرارة الكوكب تذوب الأنهار الجليدية في الهضبة بسرعة ويتعرض الطحلب أيضاً لمستويات أعلى من الأشعة فوق البنفسجية القادرة على قتل النباتات التي تتكيف مع البيئات القاسية.

مستقبل “تاكاكيا” المجهول

وخلال الدراسة التي استمرت عقداً من الزمن أصبح من الصعب العثور على الطحلب وقال “هو جين تاو”: تظهر تنبؤاتنا أن الظروف والمناطق المناسبة لتاكاكيا ستتقلص إلى حوالي 1000 – 1500 كيلومتر مربع فقط في جميع أنحاء العالم في نهاية القرن الحادي والعشرين.

لا يعتقد مؤلفو الدراسة أن الطحلب من المحتمل أن يعيش 100 عام أخرى ويمكن أن يواجه الانقراض على الرغم من ملايين السنين من التطور والمرونة.

كتب المؤلفون في الدراسة: “كنوع حساس من المؤشرات البيئية فإن التراجع الملحوظ على مدى العقد الماضي هو إشارة تحذير مبكرة من الخطر الجسيم للاحترار العالمي.

زراعة “تاكاكيا” في المختبر

وقال ياكون هي.. لا يمكن لعلماء النبات أن يقفوا مكتوفي الأيدي نحن نحاول مضاعفة بعض النباتات في المختبر ثم زرعها في مواقعنا التجريبية في التبت.. بعد خمس سنوات من المراقبة المستمرة تم العثور على أن بعض النباتات المزروعة يمكن أن تعيش وتزدهر وهو ما قد يكون فجر التعافي أو على الأقل تأجيل الانقراض لسكان “تاكاكيا”.

ويأمل مؤلفو الدراسة أن تكون دراسة الأنواع النادرة والصغيرة جداً مثل “تاكاكيا” بمثابة جرس إنذار أكبر بشأن أزمة المناخ قال ريسكي: نحن البشر نحب أن نعتقد أننا على قمة التطور.. لكن الديناصورات جاءت وذهبت وكذلك البشر إذا لم نكن حريصين على كوكبنا قد يموت “تاكاكيا” بسبب تغير المناخ لكن الطحالب الأخرى ستنجو حتى لو لم نتمكن نحن البشر من ذلك يمكنك تعلم الكثير من أبسط النباتات عن تاريخ هذا الكوكب وربما المستقبل.

المصدر: مواقع إلكترونية
اقرأ أيضاً…نهر ثوايتس.. ماذا يحدث لو ذاب تماماً؟

صفحتنا على فيس بوك