تجعل الغابات الأرض مكاناً قابلاً للحياة إذ توفر لنا الهواء النظيف والمياه النقية كما أنها تتولى تخزين كميات ضخمة من الكربون وتلطيف المناخ فتشكل بذلك دفاعاً بالغ الأهمية في مواجهة الاحترار العالمي كما أنها موطن لمعظم أنواع التنوع البيولوجي المذهلة على كوكبنا وتوفر لنا الظل وسُبل الاستجمام والإحساس بالرفاهية.

وفي تصريح خاص للخضراء أوضح مدير الحراج في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي الدكتور علي ثابت أن المساحة الإجمالية للغابات في سورية بلغت نحو 527810 هكتاراً أي ما نسبته 2.85 بالمئة تقريباً من مساحة سورية موزعة على نحو 232840 هكتاراً غابات طبيعية ونحو 294970 هكتاراً مشجرة اصطناعياً منذ عام 1993 ولغاية عام 2023.

تأثير التغيرات المناخية في الغابات وحدوث الحرائق

وحول تأثير التغيرات المناخية في الغابات وحدوث الحرائق بين ثابت أن جميع الغابات السورية تخضع للمناخ المتوسطي وبالتالي تشكل نظم بيئية حراجية متوسطية يتوقع أن تكون من بين الأنظمة البيئية الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية وأن تحصل تغيرات كبيرة في الغطاء النباتي مع الارتفاع في متوسطات درجات الحرارة وتضاعف تركيز ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وانخفاض في معدلات الهطل وتغير في توزعها ما سينجم عنها من زيادة في موجات الجفاف وشدة وعدد الحرائق وهو ما تم ملاحظته مؤخراً من ازدياد بعدد الحرائق في الغابات السورية لأسباب عديدة منها الرياح المتقلبة والجافة التي ازداد تكرارها في السنوات الأخيرة.

حيث بين ثابت أنه تم خلال العام الجاري إخماد 1840 حريقاً من 290 حريقاً حراجياً و1550 حريقاً زراعياً في حين تم تنظيم أكثر من2350 ضبطاً حراجياً بالمخالفات المرتكبة.

خطط مرحلية ومستقبلية لمواجهة التغيرات المناخية

ووفق ثابت تتمحور الخطط الحالية والمستقبلية لمديرية الحراج في وزارة الزراعة حول اتخاذ الإجراءات المناسبة للتخفيف من التأثيرات المناخية على النظم البيئية الحراجية ومن أهمها:

أولاً: الإدارة المتكاملة والمستدامة للغابات.. حيث إن الأهداف الرئيسة للإدارة البيئية والمستدامة للحراج في سورية يجب أن تكون عبر: تأمين استثمار مستدام للخشب والمنتجات الأخرى للغابة وإجراء قطع الأشجار بناء على تخطيط مسبق وبشكل مراقب.

والحفاظ على الوظائف المتعددة للغابة (الاقتصادية والبيئية والجمالية والاجتماعية والثقافية) كشرط أساسي للتنمية المستدامة ولرفاه المجتمعات الريفية والحضرية وتأمين احتياجات وطموح الأجيال الحاضرة والمستقبلية.

ولفت ثابت إلى أن مفهوم الإدارة البيئية والمستدامة للحراج تطور مع الزمن وأصبح يشمل المسائل والقيم التي تعتبر عالية الأهمية بالنسبة للثروة الحراجية في سورية مثل صيانة التربة والمياه والحفاظ على الموارد الوراثية والتنوع الحيوي وصون البيئة وبشكل خاص الحماية من الحرائق.

ثانياً: إعادة تأهيل الغابات الطبيعية المتدهورة.. حيث يُساهم ترميم الغابات وتحويلها إلى غابات أوجيه أو شبه أوجيه في زيادة الكتلة الحية لهذه الغابات وزيادة معدل تراكم الكربون فيها وزيادة فعاليتها في تثبيت الكربون.

ثالثاً: تطبيق استراتيجية الإدارة المتكاملة لحرائق الحراج المبنية على مفهوم الإدارة البيئية المستدامة للحراج والتي تلعب دوراً حاسماً في وقاية الغابات من خطر الحرائق وفي عمليات المكافحة والإطفاء الميدانية.

رابعاً: العمل على تبني تشريعات جديدة حول التأقلم مع التغيرات المناخية.

تأثير الحرائق على الغابات في سورية

وحول تأثير الحرائق على الغابات السورية أوضح ثابت أنها تتسبب في خسارة الغابات المتوسطية الأوجية وخسارة الأصول الوراثية لأشجار والشجيرات التي تعد أصولاً لأنواع معمرة ذات أهمية في تكوين الغابة وخسارة النباتات الطبية والعطرية البرية.

وخسارة التنوع الحيوي وتدمير الغطاء النباتي ما يؤدي إلى التقليل من الأهمية الاقتصادية لهذه الغابات وإزالة طبقة المادة العضوية مما ينعكس على خواص التربة وتدمير الموائل الطبيعية للحياة البرية وتفقد الغابة المحروقة مقاومتها للعوامل الحيوية الخطرة مثل الحشرات والأمراض.

كما تتسبب الحرائق بموت معظم الحيوانات البرية وهجرة الباقي منها وتسببها في احتراق بذور الأنواع واختفائها ما يؤثر سلباً في التجدد الطبيعي عدا عن تشويه المناظر الطبيعية مما يؤثر في الدور السياحي الذي تؤديه الغابة.

إجراءات متخذة لمواجهة الحرائق

وحول إجراءات الوزارة لمواجهة هذه الحرائق أشار ثابت إلى أنها عملت على الاستفادة من منصة الحرائق وتقنيات الإنذار المبكر من خلال التنسيق مع وزارة الاتصالات والهيئة العامة للاستشعار عن بعد وتجهيز مراكز حماية الغابات من الحرائق وأبراج المراقبة وتوزيع الحراس الحراجيين وعناصر المخافر الحراجية في عمليات المراقبة والتجوال ضمن المواقع الحراجية.

بالإضافة إلى تجهيز الإطفائيات والصهاريج والسيارات وفرق التدخل السريع وشاحنات التزود بالمياه والمؤن الضرورية لعناصر الإطفاء وتجهيز عشرات مناهل المياه للاستفادة منها كنقاط تزويد بالمياه أثناء الحرائق وتوزيع عدد من خزانات مياه البيتونية والبلاستيكية في المناطق ذات المؤشر المرتفع لخطر الحرائق.

وكذلك تنفيذ أعمال تنظيف جوانب الطرق من الأعشاب وأعمال تربية وتنمية للغابات من قبل فرق التربية والتنمية في دوائر الحراج وذلك بهدف تحسين نموها والتقليل من احتمالية حدوث الحرائق وشق الطرق وخطوط النار.

خطط وحملات تشجير سنوية

ووفق ثابت فإن خطة الوزارة للعام 2023-2024 تتضمن تحريج 1800 هكتاراً موزعة على الأراضي الحراجية والمتدهورة والمحروقة إضافة إلى قيام الوزارة بخمس حملات تشجير وطنية تهدف لزيادة الغطاء النباتي الأخضر وهي: “حملة تشجير عيد الشجرة المركزي والفرعي” و”حملة التشجير الأسرية” و”حملة تشجير الأراضي التابعة للمدارس والجامعات” وحملة “تشجير النقابات والهيئات والمنظمات والمؤسسات” و”حملة توزيع 5 غراس حراجية مجانية لكل أسرة”.

المصدر: خاص المؤسسة الخضراء
اقرأ أيضاً…مستويات خطيرة من تلوث الهواء في إفريقيا تتطلب التعاون لحلها

صفحتنا على فيس بوك