تغير المناخ تصبح تداعياته أكثر إضراراً بالطبيعة على مدار السنوات الأخيرة، نظراً لما تفرضه من ظروف يصعب على الإنسان مواجهتها.

ووفق دراسة حديثة فإن تغير المناخ جعل حرائق الغابات “غير المسبوقة التي انتشرت عبر أراضي بانتانال في أميركا الجنوبية في يونيو/حزيران 2024، أكثر احتمالًا بـ 4 إلى 5 مرات.

إذ شهدت منطقة بانتانال في البرازيل -أكبر الأراضي الرطبة الاستوائية في العالم- ظروفًا حارة وجافة وعاصفة بشكل استثنائي في يونيو/حزيران، ما تسبَّب بارتفاع الحرائق في المنطقة.

وفي وقت سابق، شهدت ولاية الأمازون البرازيلية جفافاً تاريخياً في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتسببت الفيضانات في ولاية ريو غراندي دو سول بدمار غير مسبوق في مايو/أيار 2024.

حرائق الغابات في البرازيل

تمتد أراضي بانتانال الرطبة الشاسعة عبر البرازيل وبوليفيا وباراغواي، وتُعدّ واحدة من أكثر الأماكن تنوعاً بيولوجياً على وجه الأرض، وموطنًا لأكثر من 4700 نوع من النباتات والحيوانات، حيث تجعل الظروف الجوية الحارة والجافة الأراضي الرطبة عرضة لحرائق الغابات كل عام، عادةً بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول.

وبحلول شهر يونيو/حزيران 2024، كانت حرائق الغابات الشديدة تتصاعد؛ إذ ارتفع عدد حرائق بانتانال بنسبة 1500% في النصف الأول من العام مقارنةً بالمدّة نفسها من عام 2023، وفقاً لبيانات المعهد الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء التي أوردتها صحيفة برازيل دي فاتو.

ويعادل هذا أكثر من 1.3 مليون هكتار من الأراضي الرطبة المحروقة حتى الوقت الحالي من العام، وهي مساحة تعادل نحو 8 أضعاف مساحة لندن.

وسُجِّلَ نحو 2500 حريق في يونيو/حزيران، وهو أعلى رقم منذ عام 1998 وأكثر من 6 أضعاف المستوى المبلغ عنه في عام 2020، الذي كان يُعرف باسم “عام النيران “، عندما دمّرت حرائق الغابات المنطقة، وأثارت احتجاجات واسعة النطاق”، حسبما نقلت منصة “كاربون بريف.

وتشهد المنطقة -حاليًا- أسوأ جفاف لها منذ 70 عاماً، والذي قالت حكومة البرازيل: إنه “يتفاقم بسبب تغير المناخ وواحدة من أقوى ظواهر النينو في التاريخ”.

تداعيات تغير المناخ في البرازيل

وجدت منظمة وورلد ويزر أتريبيوشن أنّ “تغير المناخ الناجم عن الإنسان أدى إلى زيادة الظروف المواتية للحرائق -مثل الحرارة والجفاف والرياح- بنسبة 40%”.

وفي شهر يونيو/حزيران 2024، تشير التقديرات إلى أن 440 ألف هكتار احترقت في بانتانال، وهو رقم غير عادي إذا أخذنا في الحسبان أن موسم حرائق الغابات في هذا النظام البيئي لا يبدأ عادةً حتى يوليو/تموز، بينما تصل ذروته في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول.

وأشارت الدراسة إلى أن احتمال حدوث هذه الحرائق في منطقة بانتانال أكبر بـ 4 إلى 5 مرات بسبب تغير المناخ الحالي، كما أن تأثيرها أسوأ بـ 3 مرات، ومن المتوقع أن تحدث كل 35 عامًا على الأقل.

ويوضح المؤلف المشارك في الدراسة، العالم في جامعة إيفورا البرتغالية فيليب إل إم سانتوس أنه “في عام 2024، سُجِّل أدنى مستويات تاريخية للمياه في أنهار المنطقة.. وهو الأمر الذي خلق الظروف المثالية لكارثة بهذا القدر، بالإضافة إلى درجات الحرارة المرتفعة وانخفاض هطول الأمطار”.

وبينما تؤدي عوامل أخرى دوراً في انتشار الحرائق، مثل نوع الغطاء النباتي وإدارة الحرائق وتغير استعمال الأراضي، ركّزت الدراسة بشكل خاص على كيفية تأثير تغير المناخ في الظروف الجوية التي تفيد انتشار النيران، وليس في حرائق الغابات نفسها، بحسب ما نقلته صحيفة “البايس.

لكن على الرغم من ذلك، خلصت الدراسة إلى أنه إذا ارتفعت درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين بحلول نهاية القرن مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، فإن مثل هذه الحرائق سيكون أكثر احتمالاً للحدوث في يونيو/حزيران في منطقة بانتانال، ويتكرر “مرة واحدة كل 17 عاماً، في حين يصبح أكثر تأثيرًا بنسبة 17%”.

 من الجدير بالذكر أن اتفاقية باريس تسعى إلى الحدّ من الزيادة في درجة الحرارة لدرجتين مئويتين، مع السعي لضمان ألّا تزيد الزيادة عن 1.5 درجة مئوية.

نتائج الدراسة

للحصول على هذه البيانات، حلّل الفريق السلوك التاريخي للمتغيرات، مثل الحدّ الأقصى لدرجة الحرارة والرطوبة النسبية وسرعة الرياح وهطول الأمطار في بانتانال، على مدار الـ 45 عاماً الماضية، ثم قارنوا هذه المعلومات بنماذج المناخ، التي تكشف كيف تغيرت هذه العناصر بسبب الزيادة في متوسط درجة حرارة الأرض.

ووجد المؤلفون أن شهر يونيو/حزيران 2024 كان الأكثر حرارة والأقل أمطاراً والأكثر رياحاً منذ بدء التسجيلات، كما أشاروا إلى أن الرطوبة النسبية كانت ثاني أدنى مستوى على الإطلاق.

ولاحظ المؤلفون أن هطول الأمطار السنوي في جميع أنحاء منطقة بانتانال كان في انخفاض على مدى السنوات الـ 40 الماضية.

وذكروا أن التقلبات الطبيعية وإزالة الغابات من المعروف أنها تؤثّر في أنماط هطول الأمطار في جميع أنحاء أميركا الجنوبية، لكنهم أضافوا أن تغير المناخ “قد يؤثّر أيضاً في اتجاه الجفاف”.

والأمر المقلق أيضاً هو أن بانتانال ما تزال مشتعلة، وكما أشارت المؤلفة المشاركة للدراسة، كلير بارنز، إذا كان شهر يونيو/حزيران -الذي لا يشكّل عادةً جزءًا من موسم حرائق الغابات- شديداً للغاية، “فمن المتوقع حدوث اتجاه مماثل في الأشهر اللاحقة”.

ويبدو أن شهر يوليو/تموز قد شهد بعض الهدوء، ولكن حتى الآن في شهر أغسطس/آب، كانت هناك العديد من التنبيهات بشأن الحرائق.

المصدر: مواقع إلكترونية

اقرأ أيضاً… تغير المناخ يهدد 2.4 مليار عامل حول العالم

صفحتنا على فيس بوك