مخاطر تغيّر المناخ تحيط بقارة أفريقيا على الرغم من مساهمتها المحدودة في الاحترار العالمي، حيث تواجه مخاطر كبرى على اقتصاداتها واستثماراتها في البنية التحتية وأنظمة المياه والغذاء والصحة العامة والزراعة وسبل العيش.

وتضم القارة العجوز 17 من أصل 20 بلداً هي الأكثر عرضة للتهديدات المناخية حول العالم، ويؤثر تغيّر المناخ بالفعل فيما بين 2 و9% من الميزانيات الوطنية في جميع أنحاء القارة، مما يهدد بانزلاقها إلى مستويات أعلى من الفقر المدقع، ويغذي النزوح والهجرة، ويزيد من خطر الصراع على الموارد المتضائلة.

ويُظهر تقرير “حالة المناخ في أفريقيا 2022” أن معدل ارتفاع درجات الحرارة في القارة تسارع في العقود الأخيرة مع تزايد حدة المخاطر المرتبطة بالطقس والمناخ، إذ تأثر أكثر من 110 ملايين شخص بشكل مباشر بالمخاطر المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه عام 2022، وهو ما أدى إلى أضرار اقتصادية تزيد قيمتها عن 8.5 مليارات دولار أميركي، وأكثر من 5000 حالة وفاة، منها 48% مرتبطة بالجفاف و43% مرتبطة بالفيضانات.

وتشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن خسائر الناتج المحلي الإجمالي في البلدان الأفريقية ستتزايد بسبب تغيّر المناخ، ومن شأن زيادة الاحترار العالمي بمقدار درجتين مئويتين تعريض أكثر من نصف سكان القارة لخطر سوء التغذية، وحتى لو نجحت الجهود الدولية في الإبقاء على الاحترار العالمي دون درجتين مئويتين، فإن تكاليف التكيف مع تغيّر المناخ في المنطقة يمكن أن تزيد عن 50 مليار دولار منتصف هذا القرن.

تشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن خسائر الناتج المحلي الإجمالي في البلدان الأفريقية ستتزايد بسبب مخاطر تغيّر المناخ

مخاطر تغيّر المناخ تهدد الزراعة

تتأثر الزراعة بالتغيّر في المناخ مثل ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض إمدادات المياه، إلى جانب عوامل أخرى مثل فقدان التنوع البيولوجي وتدهور النظم البيئية.

وتشكل الزراعة ركيزة أساسية من ركائز الاقتصادات الوطنية في أفريقيا، وتعد من أهم وسائل سبل العيش في القارة السمراء، فهي تدعم أكثر من 55% من الأيدي العاملة، لكن نمو إنتاجيتها انخفض بنسبة 34% منذ عام 1961 بسبب تغيّر المناخ، وهذا الانخفاض هو الأعلى قياساً بما شهدته مناطق أخرى من العالم.

وتوصلت دراسة جديدة أجراها مركز التنمية العالمية إلى أن البلدان الأفريقية -وخصوصاً في غرب وشرق القارة- ستعاني من خسائر اقتصادية كبيرة بعد عام 2050 إذا لم يقتصر الاحتباس الحراري على أقل من درجتين مئويتين.

وبحسب الدراسة، فإن إنتاج المحاصيل الزراعية في أفريقيا سيتراجع بنسبة 2.9% في عام 2030 وبنسبة 18% بحلول عام 2050 إذا استمر تغيّر المناخ في منحاه الحالي، كما سيتسبب بخسارة إيرادات المحاصيل بنسبة 30% تقريباً، وهو ما يهدد نحو 200 مليون شخص بمجاعة شديدة، وزيادة معدلات الفقر في القارة وارتفاع الأسعار.

ومن العوامل التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير في إنتاج المحاصيل بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، الأحداث الجوية المتطرفة مثل السيول والفيضانات، والتي تزداد شدتها وتواترها بسبب تغيّر المناخ. ومن شأن هذه الظواهر المناخية القاسية أن تدمّر المحاصيل أو البنى التحتية التي تعتبر بالغة الأهمية لقطاع الزراعة بشكل غير متوقع.

أزمة مياه تضرب القارة

يشير تقييم الأمن المائي العالمي لعام 2023 الصادر عن معهد جامعة الأمم المتحدة للبيئة المائية والصحة، إلى أن 6.13 مليارات شخص يعيشون في بلدان تعاني من انعدام الأمن المائي وانعدام الأمن المائي الشديد حول العالم، ويشمل ذلك 1.34 مليار أفريقي، أي إجمالي سكان أفريقيا.

ويحدد التقييم قارة أفريقيا على رأس المناطق الأقل أمناً من الناحية المائية، خصوصاً منطقة الساحل والقرن الأفريقي وأجزاء من غرب أفريقيا، بالإضافة إلى جنوب آسيا والدول الجزرية الصغيرة النامية في جميع أنحاء العالم.

وتعاني 13 دولة أفريقية في الواقع من انعدام الأمن المائي بشكل خطير وفقاً للتقرير، من بينها جزر القمر وجيبوتي وليبيا والصومال والسودان.

ويركز تقرير “حالة المناخ في أفريقيا 2021” بشكل خاص على المياه، وتشير التقديرات إلى أن الإجهاد المائي المرتفع يؤثر في نحو 250 مليون شخص في أفريقيا، ومن المتوقع أن يؤدي إلى نزوح ما يصل إلى 700 مليون شخص بحلول عام 2030، ومن غير المرجح أن تتمكن أربع من كل خمس دول أفريقية من إدارة مواردها المائية بشكل مستدام بحلول عام 2030.

وستؤدي زيادة الاستهلاك إلى جانب تزايد حالات الجفاف والحرارة إلى زيادة الطلب على المياه وفرض ضغط إضافي على موارد المياه الشحيحة أصلا، وإعاقة الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، فلا يزال قرابة 418 مليون شخص يفتقرون حتى إلى المستوى الأساسي من مياه الشرب، مما يهدد بإثارة صراعات بين الأشخاص الذين يواجهون بالفعل تحديات اقتصادية.

تعاني 13 دولة أفريقية في الواقع من انعدام الأمن المائي بشكل خطير، وفقاً للتقرير، من بينها جزر القمر، وجيبوتي، وليبيا، والصومال، والسودان.

الهجرة والنزوح

تؤدي تأثيرات تغيّر المناخ بطيئة الظهور مثل ندرة المياه وانخفاض إنتاجية المحاصيل وتدهور النظام البيئي وارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة شدة العواصف، إلى دفع مزيد من الناس إلى النزوح الداخلي داخل بلدانهم أو الهجرة خارج حدودها. وإذا لم تعالج هذه التحولات، فلن تؤدي إلى الهجرة الناجمة عن تغيّر المناخ فحسب، بل من المحتمل أن تؤدي إلى تعميق نقاط الضعف الحالية، وبالتالي إلى زيادة الفقر والهشاشة والصراع والعنف.

وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن القارة الأفريقية ستكون الأكثر تضررا من تغيّر المناخ، مع ما يصل إلى 86 مليون أفريقي سيهاجرون داخل بلدانهم بحلول عام 2050، ويمكن أن تظهر النقاط الساخنة للهجرة المناخية في وقت مبكر من عام 2030.

ومن المرجح أن تشهد المراعي والأراضي الزراعية البعلية والمناطق الساحلية والأراضي الحدودية والمدن زيادة في الهجرة مع اشتداد المخاطر المناخية، ومن المتوقع أن يغادر ما يصل إلى 4 ملايين شخص المناطق الرعوية الأفريقية بحلول عام 2050 بسبب تزايد وتيرة ومدة الجفاف، كما يمكن أن يغادر ما يصل إلى 2.5 مليون شخص المناطق الساحلية بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر.

وعلى الرغم من التوسع الحضري السريع المتوقع، فإن التأثيرات المناخية يمكن أن تجبر ما يصل إلى 4.2 ملايين شخص على الخروج من المناطق الحضرية بحلول منتصف القرن.

المصدر: مواقع إلكترونية

اقرأ أيضاً… بفعل التغيّر المناخي.. فصول صيف قادمة أشد حرارة

صفحتنا على فيس بوك